على عكس ما يشاع، لن يستيقظ لبنان جمهورية إسلامية في الثامن من حزيران إذا فازت المعارضة بالانتخابات، كما انه لن يعيد إنتاج حلف بغداد في حال فوز الأكثرية. أجواء التهويل التي خلقها طرفا السياسة المتنافسان في لبنان لا علاقة لها بواقع الحياة السياسية في لبنان بل هي نتاج انهيار السياسة بمعناها العريض. قد يكون القاسم المشترك الوحيد بين المعارضة و الموالاة هو الإفلاس السياسي و محاولات التعويض عن ذاك برفع النبرة الخطابية من قبل الطرفين واللجوء إلى سياسات الخوف و السيناريوهات المهيلة كمثل التلويح باسلمة النظام أو ارتماء قوى 14 آذار بأحضان إسرائيل.
مما لا شك فيه إن تحالف 14 آذار قد ضعف كثيرا و خسر الكثير من مكتسباته السياسية منذ الانتخابات الأخيرة، وعاد معظم قيادته إلى أدوارهم كزعماء طوائف، في ما خلا المعتزلين كنسيب لحود و رجل الدولة شبه الوحيد فؤاد السنيورة. برغم ذلك يحوز فريق ١٤ آذار على مشروع سلطة و حكم، يفتقده تحالف حزب الله و ميشال عون على رغم ادعائه امتلاك مشروع إصلاحي، فهو يمثل نظرة وتطلعات البورجوازية اللبنانية بامتياز. حيازة هذا المشروع تمثل قاسما مشتركا بين جمهور و قيادات ١٤ آذار يؤمن لهما قدرا من الالتحام و صحة التمثيل يفتقده التحالف الأخر الذي لا يكاد يملك إلا ادعائه تمثيل طوائفه والمدافعة عن مصالحها بوجه الطوائف الأخرى.
مما لا شك فيه إن تحالف 14 آذار قد ضعف كثيرا و خسر الكثير من مكتسباته السياسية منذ الانتخابات الأخيرة، وعاد معظم قيادته إلى أدوارهم كزعماء طوائف، في ما خلا المعتزلين كنسيب لحود و رجل الدولة شبه الوحيد فؤاد السنيورة. برغم ذلك يحوز فريق ١٤ آذار على مشروع سلطة و حكم، يفتقده تحالف حزب الله و ميشال عون على رغم ادعائه امتلاك مشروع إصلاحي، فهو يمثل نظرة وتطلعات البورجوازية اللبنانية بامتياز. حيازة هذا المشروع تمثل قاسما مشتركا بين جمهور و قيادات ١٤ آذار يؤمن لهما قدرا من الالتحام و صحة التمثيل يفتقده التحالف الأخر الذي لا يكاد يملك إلا ادعائه تمثيل طوائفه والمدافعة عن مصالحها بوجه الطوائف الأخرى.
مشروع فريق ١٤ آذار هو مشروع تحديثي يبقى موجودا و فاعلا رغم تبدل القوى و الشخصيات الفاعلة في قيادته على ما رأينا في السنوات الأربعة الأخيرة. وعلى رغم سذاجة البعض في صفوف اليسار اللبناني فان الخيار البورجوازي هو أكثر تقدمية من الخيار الإقطاعي التي تمثله زعامات الطوائف. وأكثر من ذلك فان أوهام القفز بلبنان من مجتمع يصارع ليجاري الحداثة إلى مجتمع اشتراكي تسود فيه العدالة الاجتماعية من غير اكتمال بورجوازيته هي أفكار مضللة و مخطئة. لا يعني ذلك إن اليسار في لبنان مدعو إلى الالتحاق بصفوف القيادات البورجوازية على العكس عليه إن يمضي في رسم خط فريد يميزه عن زعماء الطوائف.
إذا فريق ١٤ آذار لديه مشروع حكم و سياسة لكنه مشروع يرتبط تقدمه بالتحالفات المتبدلة التي تنتجها متغيرات السياسة اللبنانية. في المقابل يفتقد فريق ٨ آذار، وحزب الله تحديدا، إلى إي مشروع سلطة أو حكم. ما يخيف حزب الله اليوم هو احتمال تشكيله الحكومة المقبلة في لبنان مع حلفائه ومن دون الفريق الأخر، وهو احتمال لم يتحضر له الحزب ولا يمتلك أدوات وأساليب التعاطي معه. يخاف حزب الله مصير حماس في السلطة، حين استفاقت لتجد نفسها في موقع لم تنشده ولم تعرف التعاطي معه. فحزب الله كما حماس نشئا على أنقاض أحزاب حداثية و حركات تحرر وطنية كانت المقاومة العسكرية في نظرها وسيلة لا غاية و جزءا من سعيها إلى تقرير مصير شعوبها بنفسها وتحديث أحوال المجتمعات التي تمثلها.
لحظة نشؤ حماس و حزب الله تزامنت مع انهيار تلك الحركات و فشل مشاريعها لأسباب متعددة لا مجال لتعدادها هنا. وتميزت ظروف نشأة الحركتين الإسلاميتين بتراجع القيم الحداثية مع ازدهار أفكار الخصوصيات الثقافية حتى في الدول الغربية. لا يمثل نشؤ حزب الله و حماس صحوة إسلامية بل وسيلة للتعامل مع زمن تسارعت خلاله وتيرة التبادلات على وقع انهيار أفكار الحداثة بأوجهها المختلفة. مثلت العودة إلى الإسلام استقرارا يوازي بترسخ جذوره التاريخية النمط السريع للمتغيرات الإقليمية و العالمية. لكن حزب الله رغم نجاحاته العسكرية اللي لا مجال للشك بها، أو ربما بسببها إلى حد ما، لم ينجح ببناء مشروع سياسي يتيح له إلقاء السلاح بعد التحرير لكي يصبح حزبا سياسيا يطمح إلى السلطة على نمط حركات التحرر التي سبقته.
طور حزب الله نظرته إلى نفسه و أعضائه على انه حركة عسكرية بامتياز، وحين اصطدمت هذه النظرة بتطلعات اللبنانيين الذين ساموا الحروب و ابتغوا السلام و الازدهار، كان الحزب يصر على مجتمع الحرب كي يرسم مجتمعا على صورته لا العكس. هذا العجز الهيكلي لدى حزب الله عن إعادة إنتاج نفسه كحزب سياسي أدى إلى فشله باقتناص فرصتين تاريخيتين لتحويل مساره هما الانسحابين الإسرائيلي والسوري. لكن تردد حزب الله عن الاستيلاء على السلطة بان على أشده بعد ٧ أيار الماضي حين اجتاح الحزب بيروت ثم استنشد اتفاقا مع الغالبية يؤمن له ثلثا معطلا لا مسؤولية القرار السياسي المطلقة.
لا يزال الحزب ينادي بتلك الصيغة الغريبة للحكم حتى بحال فوزه و حلفائه بالانتخابات التشريعية. يردد ممثلو الحزب اليوم خوفهم من الوصول إلى سدة الحكم عبر إلقاء اللوم على الغالبية التي أنتجت الفساد والديون المرتفعة محاولا تبرير عدم قدرته على الحكم حتى قبل فوزه. يمثل هذا التردد جبنا سياسيا وتخاذل عن المسؤوليات التي يفترض بأي حزب سياسي إن يتحضر لها. غير إن حزب الله الذي اختفت وثيقته التأسيسية عن الأنظار منذ اندماجه بالمنظومة السورية في لبنان قبل عقدين، لا يعرف اليوم سبيلا إلى السياسة و أفكار الحكم بعد عقود من التمرس بالحرب و امتهان البراغماتية عوضا عن العقيدة السياسية. أصبح حزب الله اليوم طرفا من مديري أحوال الطوائف يعرف أساليب كبت النقمة الشعبية لدى جمهوره، كما يعرف متى يذكيها لكسب صغير في بازار السياسة اللبنانية، لكنه عاجز كليا عن استلام مقاليد الحكم و السلطة.
يتخيل البعض في حزب الله اليوم إن تحالفهم مع ميشال عون قد يسهل مهمة ومسؤولية الحكم و الحكومة في حال الفوز بالانتخابات باعتبار إن عون يؤمن غطاء مسيحي ويوفر بعض لابسي البدلات الذين يجيدون استلام مقاليد الوزارات و الإدارة. هذا وهم لا سبيل لتحققه. فجنرال المارونية السياسية المخضرم رغم ما يبدو عليه من تعطش للسلطة ليس لديه هو الأخر أية أفكار في السياسة و الاقتصاد و الإدارة إلا شعارات شعبوية لا معنى لها. الجنرال ارتاح في دور قيادة و تمثيل المسيحيين في لبنان والتفاوض باسمهم لتحصيل أفضل شروط العيش المشترك مع الأخر الذي لا مفر منه. استوجب هذا الدور المستحدث تحييد القيادات الشبابية التي نشطت طوال فترة عزلته و استبدالها بوجوه مسيحية تقليدية تمكنه من مخاطبة مخاوف المسيحيين و عائلاتهم الكبرى بطريقة أفضل. عون في أحسن الأحوال سيكون شافيز أخر يستعيض عن السياسة بشعبوية خطابية لا قدرة لها على التحديث.
برغم كل ذلك في حال فوز حزب الله و شركائه في الانتخابات يجب على قوى ١٤ آذار إن تترك لهم مسؤولية الحكم و تشكيل الحكومة المقبلة و تعزف عن ملئ الثلث الذي سيعرض عليها بدون شك. إن أفضل وسيلة لفك التحام جمهوري حزب الله و عون بمديري و ممثلي طوائفهما هي فشلهما في الحكم الذي سيفضح ضالة الأفكار و إفلاسها السياسي. في المقابل يجب على فريق ١٤ آذار إن يعيد بناء تحالفاته و أفكاره السياسية على أسس ارسخ و إلا سينفرط عقده سريعا إذا استمر النهج الطائفي على حاله.
Faisal, I certainly know that Hezbollah knows its limitations, that's the main point in the article, and you are very right to bring up the point about having a small number of candidates, I should have used that argument in the article. However, Hezbollah and their allies are trying to mask their fear of taking power on their own by asking for a ... Read morenational unity government in which they can play an objecting role but not determine policy on their own, they are structurally incapable of governing.
ردحذفThe main point to me is sovereignty, determining your own destiny, which none of the Lebanese parties are actually championing regardless of their rhetorical stance. I don't see why 8th of March in power should as a necessity clash with the West or Saudi Arabia, if they claim to have a reform program they should have the conviction to carry out and give excuses. But trust me, they have no such project, and are completely bankrupt politically.
On Israel, you will find that the West's attitude to Israel is changing, for example Obama's recent demands for stopping settlement activity. And I don't think Israel benefits from an unstable Lebanon, on the contrary. Regardless, the argument that you have to tailor your national politics to the demands of foreign powers is what I am criticizing. ... Read moreThe current arrangement is a manifestation of that that operates on the assumption that the Lebanese are not adult enough to govern themselves that both 8th and 14th march accept, which is a complete scandal. it is a recipe for disaster that will keep reproducing the same problems. One way of countering that is to expose how weak those parties are...
Faisal Mahdi wrote:
ردحذفVery interesting Analysis Karl. In a sense I can see how 8th of March can fail upon rising to power. Don't you think though that the Hizb knows about its limitations and thus is doing the right thing by wanting to share power even with the 14th of March ? Not to mention only putting forward a small number of candidates. Also don't you think that ... Read moresucceeding in politics and running the country - especially in Lebanon - depends on friendly foreign relations with the West and wealthy countries like Saudi Arabia? If you look generally around the world you will see stability in all pro-western countries, while instabilities in the very few countries left in opposition. Due to sanctions or other internal problems? The world has become small such that you are either part of this camp or that. If you isolate yourself from Western influence, it would be as though you are swimming upstream. Your chances of success will be slim.
It is more complicated than being pro-western though. Since the West (or at least the Western Super power) is pro-Israel. Moreover, Israel naturally has to be Anti-Stable Lebanon. Which brings us to a catch-22. So maybe the only solution to Lebanon is the current setup, where the pro-western alliance has a minority government and the opposition gets to "keep them honest" so to speak :)
Faisal Mahdi Wrote:
ردحذفAs for Western attitude towards Israel, while I am willing to agree that sometimes the Israeli lobby in the US does not necessarily see eye to eye with people in the Israeli Government, and only from that point will you see any pressure mounting on the small yet influential state. However, believing that Obama's demands have any impact is naive. Believing that is like believing the speech Obama is going to give in Egypt next week, whatever it is. I am sure he is going to tell the Arabs/Muslims how much the Americans want their best interest. The only reason that anything like a peace process is even on the table is because it is in Israel's best interest and not the US. It is a lot easier to see Israeli interests affecting US policy than seeing US interests affecting Israeli policy. As a matter of fact, if Obama is sincere about putting pressure on Israel (contrary to the desires of the US Israeli lobby) then expect to see another Lewinski like scandal if not a JFK style Assassination. Only instead of having someone named Lee Harvey Oswald take the fall it would be someone named Mohammed Abdullah Mahmoud or something.
Moreover, as much as I would love to agree with you about tailoring national politics to foreign demands, I am sorry to say it has nothing to do with how mature and responsible the Lebanese are. It is the way of the world. People are people and while you have the intellectual elite, the majority of the public will still be impressionable. Especially with tools like Mass media these days. Playing on people's emotions is like taking Candy from a Baby. It is plain to see through out Lebanon, there is no better example than the 8th/14th March political divide. Who would have thought that you would see Jumblat and Lebanese forces under one umbrella , not to mention the other combinations. Nothing the magic of a few news reports and political statements can't fix. Iraqi violence is yet another example. People are sheep ... The Shepherd is Al-Jazeera, CNN, Manar, Mustaqbal etc ... Hell even a highly educated society like the Israelis is as impressionable.
Faisal Mahdi wrote:
ردحذفWhy do you have to assume it is fear and not a genuine desire to have the other participate. Not out of love of course, but necessity or best interest of the party and/or country? I have a little more trust to the Hizb that they have the interest of their people at least than most other Lebanese parties whom are based on an individual or a Dynasty. I might be naive in saying that, but this is the impression I get as an outsider.
As far as structure is concerned, I think it is worth pointing out that the Hizb has proved to be very well structured and disciplined time and again. In fact they seem to be the most well thought of project in Lebanon (ironically, since this does not seem to be a trait of an Islamic party anywhere else). I mean we are talking about an organization that pretty much ran life in Southern Lebanon fairly well by providing civil services in a war torn region. Not to mention how traditionally the Shia in Lebanon were amongst the less fortunate in terms of services. I can understand why the Hizb might have challenges balancing fiscal budgets and managing a state economy. Not to mention the need to keep the foreign investments active in the country and so far the Hariris and Saudis have been one of the greatest contributors. Hence the need to have them on board. I think in a normal country one can assume that when a new party comes to power or assumes responsibility over a certain ministry, they can easily find advisors and qualified people from across the spectrum. I am not sure how Lebanon words given the Sectarian nature of their politics.
Furthermore, I have to disagree with you regarding not clashing with the West. I think the world around us has ample examples supporting my position. With one exception being China. Though China still has good foreign relations with the west in general. If we look at Russia as an example on the other hand we may see a different story. I will not get into detail here though. Other good examples in the region will be Jordan, Morocco, Tunisia, UAE etc. In fact through out the Arab world, if you are Pro-Western you can experience stability. While I agree that a stable Lebanon can benefit Israel, however the stability must come at the expense of exporting (or privatizing) your ability to make independent decisions. Ala Jordanian / Egyptian style. We all know what happened in Gaza early this year and how those countries reacted.