الثلاثاء، ٣١ آب ٢٠١٠

برج أبي حيدر و التوطين!!

"اعتبر الوزير الأسبق ميشال سماحة أن أحداث برج أبي حيدر لم تكن فردية بل كانت عملا مخابراتيا اختلق من قبل الأحباش لاغتيال احد مسؤولي "حزب الله" في بيروت، لافتا إلى إن بعض العرب وبعض الخارج والكثير من مخابرات الدول تريد الفتنة بلبنان وقيام جدار دخاني أثناء المفاوضات المباشرة المحضرة للتوطين ويراد لنا أن نشغل حزب الله عن مقاومته ومواجهاته لمخططات إسرائيل على الحدود وفي الخارج"

كما أشرت في المقالة السابقة، لا مكان عندنا للصدف فكل أحداثنا تُحضر في الخارج و تشكل جزئا من المؤامرات التي تحاك ضدنا. أضاف ميشال سماحة تفسيرا جديدا لأحداث برج أبي حيدر و لا بأس فالمؤامرات كالفن الحديث يمكن تفسيرها على أكثر من وجه، و المهم هنا الاجتهاد الذي ينال الوزير الأسبق أجره كاملا. و لكن اللافت في اجتهاد الرجل الذي تقلب بين ضفاف السياسة اللبنانية مرارا هو ربطه ما حصل بالتوطين مما يشكل نقلة نوعية في فن تحليل المؤامرات. لا شك أن سماحة قد انزعج، كغيره من الذين امتهنوا تهويل المسيحيين لعقود، من القوانين التي سمحت لفلسطيني لبنان بالعمل فعاد ليعزف أنشودة التوطين أملا في كسب بعض الشعبية خصوصا في أوساط المسيحيين.

لكن هذا الاستخفاف بذكاء الجماهير الذي يميز ساستنا، كمثل محاولة ربط أحداث برج أبي حيدر بالتوطين، لم يعد ينطلي على احد. والأرجح أن سماحة نفسه يدرك ذلك لكن العادات المتأصلة يصعب التخلص منها. كما إن تملق حزب الله عبر الشعارات الجوفاء، عملا بأحكام التكاذب اللبناني الذي ينظم تخاطب الطوائف مع بعضها البعض، لم يعد هو الأخر مقنعا. هناك استنتاجين واضحين يمليهما المنطق هنا. يجب سحب اسطوانة التوطين من الخطاب السياسي و العمل لتحقيق الحقوق المدنية و السياسية كاملة للفلسطينيين في لبنان. يفترض سماحة أن مجرد ذكر التوطين كافي لتهييج المسيحيين لكن هذا المنطق البالي قد ولى زمنه.

الاستنتاج الثاني يتبع مما سبق، لم يعد لأمثال سماحة موقع في السياسة و كلما أسرعنا بإحالتهم على التقاعد، أو المتاحف بالأحرى، كلما تقدمنا أكثر نحو خطاب سياسي أوعى و أجدى. ما يبقي سماحة و أشباهه قيد التداول هو المخاوف الوجودية التي تستدعيها صور كصور أحداث برج أبي حيدر و سهولة انتشار السلاح و ظهوره إلى العلن. ملاحظتان هنا إلى رفاق الأمس التقدميين: هذا لبنان ما بعد السابع من أيار الذي تمنيتموه، هل هناك مجال للنقد الذاتي هنا؟ ثانيا، انحيازكم إلى قداسة السلاح يمنع نمو قيادات جديدة في مختلف الأوساط اللبنانية و يطيل عمر القيادات الطائفية، هل علينا أن نعيد تجربة الحرب اللبنانية كاملة كي نتعلم؟ على كل حال، نبارككم على وجود أمثال ميشال سماحة ضمن تحالفاتكم العريضة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق